علامات قرب انقطاع الدورة

علامات قرب انقطاع الدورة الشهرية ونصائح للتخفيف من أعراضها

مقدمة

انقطاع الدورة الشهرية، أو ما يُعرف بسن اليأس (Menopause)، هو مرحلة بيولوجية طبيعية تمر بها كل امرأة، وعادةً ما تحدث بين سن الأربعين والخمسين، رغم أن التوقيت قد يختلف من امرأة إلى أخرى. تمثل هذه المرحلة نهاية سنوات الخصوبة، وتُحدث تغييرات هرمونية كبيرة في الجسم نتيجة انخفاض مستويات الإستروجين والبروجسترون. إلا أن هذه المرحلة لا تأتي فجأة، بل تسبقها مرحلة انتقالية تُعرف بمرحلة ما قبل انقطاع الطمث (Perimenopause)، وهي فترة مليئة بالتغيرات الجسدية والنفسية، تصاحبها أعراض واضحة يمكن من خلالها التنبؤ بقرب انقطاع الدورة الشهرية.

يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على أبرز علامات قرب انقطاع الدورة الشهرية، وتقديم نصائح طبية وحياتية للتخفيف من الأعراض المصاحبة لها، اعتماداً على المراجع الطبية والدراسات العلمية الحديثة.

أولاً: المرحلة الانتقالية نحو انقطاع الدورة الشهرية (Perimenopause)

تُعرف هذه المرحلة بالانتقال الهرموني الذي يبدأ قبل سنوات من الانقطاع التام للحيض، وقد تستمر من 4 إلى 10 سنوات. خلالها، يبدأ المبيض بإفراز كميات أقل من الهرمونات الأنثوية، مما يؤدي إلى تغيرات على مستويات متعددة في الجسم.

وتبدأ الأعراض تدريجيًا وتختلف في شدتها من امرأة لأخرى، حيث قد تعاني بعض النساء من أعراض خفيفة، بينما تعاني أخريات من أعراض شديدة تؤثر على جودة حياتهن.

ثانياً: أبرز علامات قرب انقطاع الدورة الشهرية

1. عدم انتظام الدورة الشهرية

أكثر العلامات شيوعًا هي اضطراب في توقيت الدورة الشهرية. قد تصبح أطول أو أقصر، أو قد تغيب لبضعة أشهر ثم تعود. يتغير نمط النزيف من حيث الكثافة والمدة، وقد يحدث نزيف خفيف أو غزير بشكل غير متوقع.

2. الهبات الساخنة والتعرق الليلي

الهبات الساخنة هي شعور مفاجئ بالحرارة في الوجه والرقبة والصدر، وغالبًا ما يصاحبها احمرار وتعرق غزير. التعرق الليلي، بدوره، قد يتسبب في الاستيقاظ من النوم وتدهور جودة النوم.

3. تقلبات المزاج والقلق

تؤثر التغيرات الهرمونية على الحالة النفسية، ما يؤدي إلى تقلب المزاج، وزيادة التوتر والقلق، وحتى الشعور بالاكتئاب أحيانًا.

4. مشاكل النوم (الأرق)

تعاني كثير من النساء من صعوبات في النوم، إما في صعوبة الخلود إليه أو في الاستيقاظ المتكرر خلال الليل.

5. جفاف المهبل وتراجع الرغبة الجنسية

نتيجة انخفاض الإستروجين، قد يحدث جفاف مهبلي يؤدي إلى ألم أثناء الجماع وتراجع في الرغبة الجنسية.

6. زيادة الوزن وتغير شكل الجسم

تتغير معدلات الأيض في الجسم، مما يسهل اكتساب الوزن، خصوصًا حول منطقة البطن، مع صعوبة في فقدانه.

7. تساقط الشعر وجفاف الجلد

يقل إنتاج الزيوت الطبيعية في الجسم، ما يؤدي إلى جفاف الجلد، وتساقط الشعر أو ترققه، خاصة في مقدمة الرأس.

8. صعوبة في التركيز وضعف الذاكرة

تُعرف أحيانًا باسم “ضباب الدماغ”، وهي حالة يعاني فيها بعض النساء من صعوبة في التركيز، والنسيان المتكرر، وتراجع الأداء الذهني.

9. آلام المفاصل والعضلات

التغيرات الهرمونية تؤثر على المفاصل، ما يسبب شعورًا بالتيبس والآلام، خاصة في الصباح.

10. زيادة معدل ضربات القلب أو خفقان القلب

تلاحظ بعض النساء خفقانًا سريعًا أو غير منتظم في القلب، وقد يكون ذلك مرتبطًا بتغيرات هرمونية أو القلق المرافق.

ثالثاً: العوامل المؤثرة على توقيت انقطاع الطمث

رابعاً: نصائح فعّالة للتخفيف من أعراض ما قبل انقطاع الدورة الشهرية

1. اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن

الغذاء المتوازن يعزز من توازن الهرمونات ويخفف من الأعراض:

• الإكثار من الخضروات الورقية والفواكه.

• تناول الحبوب الكاملة الغنية بالألياف.

• تقليل استهلاك السكر والكربوهيدرات المكررة.

• تناول الأطعمة الغنية بالكالسيوم والمغنيسيوم لدعم صحة العظام.

2. ممارسة التمارين الرياضية بانتظام

الرياضة المنتظمة تحسن الحالة المزاجية وتقلل من الهبات الساخنة، كما تساعد في الحفاظ على الوزن وصحة القلب والعظام.

3. النوم الجيد

محاولة ضبط جدول النوم، وتفادي الأجهزة الإلكترونية قبل النوم، وتقليل الكافيين لتحسين نوعية النوم.

4. التحكم في التوتر

تقنيات التأمل، واليوغا، والتنفس العميق، تسهم بشكل كبير في تخفيف التوتر وتحسين الصحة النفسية.

5. العناية بالصحة الجنسية

استخدام مرطبات مهبلية طبيعية أو هرمونية لعلاج الجفاف المهبلي. مراجعة الطبيب المختص عند وجود ألم مستمر.

6. المكملات الغذائية

قد تُوصى بعض النساء بتناول:

• فيتامين D والكالسيوم للوقاية من هشاشة العظام.

• فيتامين B6 وB12 لتحسين المزاج والذاكرة.

• أوميغا 3 لدعم صحة القلب والدماغ.

ملاحظة: يجب عدم تناول أي مكمل غذائي دون استشارة الطبيب.

7. العلاج بالهرمونات البديلة (HRT)

يُستخدم في حالات الأعراض الشديدة، ويجب أن يتم تحت إشراف طبي دقيق نظرًا للمخاطر المحتملة مثل زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي أو الجلطات.

8. العلاجات الطبيعية والممارسات التكاملية

بعض النساء يجدن تحسنًا في الأعراض باستخدام:

• الأعشاب مثل الكوهوش الأسود (Black Cohosh) أو نبتة سانت جون.

• العلاج بالإبر الصينية.

• الزيوت الأساسية مثل زيت اللافندر أو زيت المريمية.

9. المتابعة الطبية المنتظمة

زيارات دورية لطبيب النساء لمتابعة صحة الرحم والمبايض، ومراقبة ضغط الدم، وسكر الدم، والكوليسترول، تساعد في الوقاية من المضاعفات.

خامساً: تأثير انقطاع الدورة الشهرية على المدى الطويل

1. هشاشة العظام

انخفاض الإستروجين يؤدي إلى فقدان كثافة العظام، ما يزيد من خطر الكسور. يجب الحرص على تناول الكالسيوم وفيتامين D، وممارسة الرياضة.

2. أمراض القلب

الإستروجين كان يلعب دورًا وقائيًا للقلب، ومع انخفاضه تزداد مخاطر أمراض الشرايين التاجية.

3. ضعف الذاكرة والإدراك

تشير الدراسات إلى ارتباط انخفاض الإستروجين ببعض مشاكل الذاكرة، لكن الحفاظ على النشاط الذهني والغذاء الصحي قد يساعد في الوقاية.

سادساً: متى يجب زيارة الطبيب؟

في بعض الحالات، تكون الأعراض شديدة أو غير اعتيادية، ما يستدعي زيارة الطبيب فورًا، خصوصًا في الحالات التالية:

• نزيف مهبلي شديد أو غير منتظم.

• آلام مستمرة في الحوض.

• أعراض اكتئاب حاد.

• خفقان قلب غير مفسّر.

خاتمة

المرور بمرحلة ما قبل انقطاع الدورة الشهرية هو أمر طبيعي لكنه مليء بالتحديات، خاصةً مع التغيرات الجسدية والنفسية المصاحبة. من خلال فهم علامات اقتراب هذه المرحلة والتعامل الذكي معها عبر أسلوب حياة صحي ومتابعة طبية واعية، يمكن للمرأة أن تحافظ على صحتها وجودة حياتها. التهيئة النفسية المسبقة، والدعم من المحيط الأسري، والوعي الذاتي بأهمية العناية بالجسد، كلها عوامل تعزز من تجربة الانتقال إلى هذه المرحلة بسلاسة وثقة.

المراجع

• Mayo Clinic. Perimenopause: Symptoms and causes.

• The North American Menopause Society (NAMS): Managing Menopause Symptoms.